(إإ)
EN / RU

هل من حياة على المريخ؟

مجموعة يونغ-هاي شانغ هيفي إندوستريز تقدم فيديو وعد

WA'AD (2014) by YOUNG-HAE CHANG HEAVY INDUSTRIES

عرضت أعمال المجموعة الفنية يونغ-هاي شانغ هيفي إندوستريز [من الآن فصاعداً يهشي- الملاحظة من المترجم]- المؤلفة من كل من يونغ-هاي تشانغ ومارك فوغ- والمقيمة في سيول- بمجموعة واسعة من أكبر المتاحف، من بينها متحف تيت في لندن، ومركز بومبيدو في باريس، وويتني وفي المتحف الجديد في نيويورك، فضلا عن م+ في هونغ كونغ، كما قدمت في العديد من البينالات في البندقية وساو باولو، حيث احتفى وأعجب بها الكثيرون. في عدد الحلم من مجلة إيست إيست، طلبنا من يونغ-هاي ومارك عرض عمل وعد. فأنتجت يهشي نسخة جديدة منه باللغة الروسية حصريا لموقع إيست إيست. كما أن العمل متوفر أيضا باللغة العربية على موقع الفنانين. تحاول واحدة من كبار المحررين/ات في موقع إيست إيست، الزميلة ليزيا بروكوبينكو، بذل قصارى جهدها لتقديم يهشي في النص أدناه.


ثمة مشكلة محددة في الكتابة عن وتجاه يهشي: ففي اللحظة التي أبدأ بتكوين جملة، أشعر أنني أكتب من داخل واحد من أعمال المجموعة. فتتكسر الجمل، وتتكثف الخطوط العريضة للأحرف، تبدأ الشاشة بالبريق، وتتحرك الكلمات على إيقاع من الجاز كما ظهر في أعمال المجموعة الساحرة والساخرة كذلك، وفي بعض الأحيان بعنوان غريب الطور.

في حال لم تكن قد شاهدت أي عمل فني ليهشي حتى الآن، هكذا يصف موقع ريزوم أعمالها: "استناداً إلى نموذج شركة خيالية، ينتجان أعمالاً فنية عبر الانترنت متبعة صيغة صارمة: أفلام فلاش مكوّنة من نصوص مكتوبة بأحرف كبيرة من خط موناكو، فتظهر على الشاشة، مترافقة مع موسيقى الجاز والبوسا نوفانوفاالأعمال الموسيقية المستخدمة في أعمال يهشي موجودة في هذا الرابط. مستخدمةً "لغة بصرية شديدة الإلحاح" وفق تعبير جوزفين بوسما، تستلهم أعمال يهشي من السينما والشعر والبروباغندا".

ومع ذلك، فعمل وعد، المقطع الذي نعرضه هنا على منصة إيست إيست، هو أكثر بطئاً وحلماً، وربما أكثر حزناً من غالبية أعمال يهشي، كما أن لغة العمل البصرية لا تشعرنا بأي "إلحاح". هذا لأنه، في الواقع، ينتقل بين الكواكب، ويتدفق نصه عبر الفضاء الخارجي…

في حال لم تكن توقفت على الفور عن قراءة هذه المقدمة من أجل مشاهدة وعد (كما يجب عليك أن تفعل)، سأحاول أن أكتب أكثر عن يهشي. لأكون صادقة أنا لا أعرف الكثير حولها، ولم أكن لأتجرأ على الكتابة عنها لولا المجموعة. بعد أن اقترحت عليها إجراء مقابلة، تلقيت الرد التالي:


"في الحقيقة، ليس لدينا الكثير لنقوله عن أي شيء خارج ما نعمله. أو بالأحرى، ما يجب قوله نأمل أن نقوله بشكل أفضل بواسطة عملنا. إذا كنتِ مهتمةً بالبحث عنا على الغوغل، فقد تلاحظين أنه، بشكل عام، لا يوجد الكثير عنا أو من جانبنا. لذا نقدم هذا الاقتراح: لماذا لا تكتبين شيئاً عنا؟ سنودّ لو أنك تتكهنين ماذا تعني يونغ-هاي شانغ هيفي إندوستريز بطريقة نقدية أو غير نقدية. لماذا لا تفكرين بأي شيء عن عملنا يمكن أن يكون قد لفت انتباهك؟

قبل عامين، قدمنا "آخر" ندوة فنية. كانت فرضيتنا أن الفنانين/ات يتحدثون/ن كثيراً، وأنهم/ن يفسدون/ن الأعمال الفنية على عشاق/عاشقات الفن المحترفين/ات- وأمناء/أمينات المعارض الفنية، والنقاد/الناقدات، والمؤرخين/ات، أولئك الذين/اللواتي تتجسد مهمتهم/ن بشرح الفن لنا. أولئك الذين/اللواتي، بشكل جيد أو سيء، يصنعون/ن تاريخ الفن. بالطبع، منذ تلك الندوة تحدثنا بعض الشيء، إلا أننا الآن نسميها عروضاً. ما هو الفرق؟ نأمل أن تكون عروضنا غير متماسكة بشكل أساسي، مثل كل العروض الجيدة. إنها على العكس من الكتابة الخطابية التي نتوقعها في تاريخ الفن. إنها كل ما يمكن أن يقوله النقاد/الناقدات والمؤرخون/ات. نأمل أن يكون ذلك فناً."


 

كما ترون/ين، أنا أغش فعلياً، فلست ناقدة فنية أو أمينة معرض، والجزء الأكبر من النص الذي جمعته حتى الآن يتكوّن من كلمات ليست لي. ومع ذلك، يجب أن أفي بوعدي: "يجب أن أكتب شيئا عن يهشي". يجب أن "أتكهن حول يهشي بطريقة نقدية أو غير نقدية."

بادئ ذي بدء، بالتأكيد التقيت بالمجموعة، ولكنني لا أستطيع تذكُّر أي تفصيل عن ذلك اللقاء القصير. كان ذلك في صيف العام 2012، حين عملت منسقة مشروع دولي في مؤسسة حكومية بكييف التي نظمت أول (ورسمياً آخر) بينالي هناك. في تلك الأيام، كنت مرهقة للغاية وصادفتني عشرات الوجوه الجديدة كل يوم لدرجة أنني لم أستطع تذكر أنني قابلت يونغ-هاي ومارك. على الأرجح، تصافحنا وقلت إنني الشخص الذي يقف وراء كل تلك الرسائل الالكترونية- أو هل حصل ذلك فعلياً؟ بالتأكيد لم نشارك معاً في العشاءات التي نظمتها الشركات الكبرى.

بكل الأحوال، خلال شهرين، اتصلت بهما مرة أخرى، وأجريت مقابلة معهما بعنوان "الفن ليس ديمقراطياً"، والتي لا تزال، ويا للغرابة، متاحة على الإنترنت باللغة الروسية، والتي يمكن للمرء أن يعلم منها أن يهشي تعتقد أن موسيقى الجاز تجعل المجموعة أكثر غرابةً (وهي بالتأكيد تفعل). كما أنها تحتوي على اقتباس من مارسيل دوشام: "كل ما أقوله غبي ومزيف".

بالنسبة لي، كانت مجموعة يهشي، من خلال عملها منطقتي المعزولة السلاح، من أهم الفرق الفنية التي شاركت في ذلك البينالي. خلال الشتاء، عندما كان مشروعها قيد التشكل، شاهدت كل رسم متحرك على موقع المجموعة على الويب، وفي الربيع، وفي حين كنت أتجه صوب المكتب مستمعةً إلى ريمكس لأغنية نينا سيمون "عاملات جنس عند المرفأ" التي ظهرت في إحدى أشهر أعمال يهشي. في ذلك الوقت، كان التعامل مع فن يهشي عملية أكثر تطلباً، حيث لا يمكنك إيقاف الرسوم المقدمة بالفلاش أو إعادتها إلى بدايتها. وواقع أن المجموعة قد حمّلت كل المقاطع على موقع فيميو (حل وسط مفهوم للغاية) يبدو كأنه حرية لم يسمع بها أحد وقتها.

حدث لقائي الثاني الوثيق مع فن يهشي بعد ثلاث سنوات، خلال البينالي الثاني (غير الرسمي) في كييف حيث صودف أنني كنت أعمل هناك أيضاً. في واحدة من المشاريع، طلب/ت أمين/ة المعرض من الفنان والكاتب جون ميلر إعادة تنظيم معرض جماعي كان قد نظمه سابقاً، تحت عنوان "ضمير سيء"- العرض بكييف كان اسمه "أخطاء مرتكبة". شارك 15 مشاركاً/ة في معرض جون ميلر من ضمنهم/ن يهشي، بالتعاون مع تاكوجي كوغو: عُرِضَ بيانات: 0029: إلى مواضيعي الصالحة والمخلصة و0063: بعد الجراحة الأخيرة في فروة الرأس، وهو عرض يجمع خطاب الإستسلام في نهاية الحرب العالمية الثانية للإمبراطور الياباني هيروهيتو (شوا) مع أجزاء من تصريح مايكل جاكسون بعد اتهامه بالتحرش بالأطفال. ونظراً إلى أن واجباتي في المشروع كانت متعددة إلى حد كبير، انتهى بي الأمر إلى ترجمة العمل إلى اللغة الأوكرانية. بكل صراحة، خشيت من نسياني لذلك، لولا الدليل الذي ما زال موجوداً على الانترنت. 

مع ذلك، انتهى الأمر بعدم عرض بيانات في المعرض: بسبب سوء الظروف التنظيمية، فالمعدات لم تكن كافية لعرض فيديو آخر. فهرّبت العمل إلى مجموعة من المشاهدين/ات مرتين، وعرضته بكل وقاحة بواسطة حاسوبي في كلتا الحالتين. لماذا كان مهماً جداً عرضها بالنسبة لي؟ ربما لأنها كانت حول سقوط طغاة صغار. وكان ذلك ممتعاً. دائماً ما يكون هذا النوع من المرح هو الذي يسبب بسقوط الطغاة الصغار. هذه هي القوة العظمى المخبأة في أعمال يهشي (إلى جانب غرابتها بالطبع).

لماذا، بعد مرور خمس سنوات، وضمن عملي كمحررة في موقع إيست إيست، قررت غسل دماغ زملائي، ومعاودة الاتصال بيهشي، وترجمة وعد إلى اللغة الروسية، وتقديمها لكم/ن هنا، في عدد الحلم في الموقع؟ من الواضح أن وعد هو سرد مؤثر ومفعم بروح السخرية من الأحداث الصغيرة على خلفية الأحلام الكبيرة، والأحلام الصغيرة على خلفية الشؤون الأكبر في الحياة، والأحلام المنهارة التي تنشأ منها الأحلام الجديدة. كذلك، يعتبر وعد تصويراً دقيقاً بشكل شديد لمأزقنا الكوني الحالي: النقل المعطل، والبعثات المفلسة، والبشر العالقون في مواقعهم المحددة، وإعادة اختراع الجسد والتاريخ والحب.